حكم تارك الصلاة
بقلم العلامة المحدث
محمد ناصر الدين الألباني
--------------------
تقديم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
فإن مما " لا يختلف ]فيه [المسلمون ، أن ترك الصلاة المفروضة عمداً من أعظم الذنوب ، وأكبر الكبائر ، وأن إثمه أعظم من إثم قتل النفس ، وأخذ الأموال ، ومن إثم الزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، وأنه معرض لعقوبة الله وسخطه ، وخزيه في الدنيا والآخرة "[1] .
وقد وردت الآيات القرآنية تترى في تعظيم قدر الصلاة ، وبيان شديد إثم تاركها أو المتهاون بها :
قال تعالى :
]فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ، إلا من تاب ..[[2] .
وقال سبحانه :
] فويل للمصلين ، الذين هم عن صلاتهم ساهون ، الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون [[3].
وقال جل شأنه :
] ما سلككم في سقر ، قالوا لم نك من المصلين[ [4] .
... إلى غير ذلك من آيات كريمات ، تقرع الآذان ، وتصك الأسماع .
وقد جاءت أحاديث عدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر فيها عن عظيم الذنب الذي يتلبس به تارك الصلاة ، أو المتهاون بها ، أو المتخاذل عنها :
فقال صلى الله عليه وسلم :
" بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة "[5] .
وقال صلى الله عليه وسلم :
" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر "[6] .
وقال صلى الله عليه وسلم :
" من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله "[7] .
قلت: وإزاء هذه النصوص القرآنية ، والنبوية: اختلف الأئمة والعلماء في تكفير متعمد ترك الصلاة :
قال الإمام البغوي في " شرح السنة " ( 2 / 178 ـ 179 ) :
" اختلف أهل العلم في تكفير تارك الصلاة المفروضة عمداً ... " .
ثم ذكر طائفة من أسماء المختلفين في ذلك .
وقال الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 1 / 369 ) تعليقاً على حديث جابر المتقدم إيراده :
" الحديث يدل على أن ترك الصلاة من موجبات الكفر ، ولا خلاف بين المسلمين في كفر من ترك الصلاة منكراً لوجوبها ، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ، أو لم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة .
وإن كان تركه لها تكاسلاً مع اعتقاده لوجوبها – كما هو حال كثير من الناس [8] - فقد اختلف الناس في ذلك ... " .
ثم نقل – بعد ذلك نبذاً من الخلاف – مشهور قول " الجماهير من السلف والخلف – منهم مالك والشافعي – إلى أنه لا يكفر ، بل يفسق ، فإن تاب وإلا قتلناه حداً ، كالزاني المحصن ..." إلخ ..
وقال ابن حبان في " صحيحه " ( 4 / 324 ) :
" أطلق المصطفى صلى الله عليه وسلم اسم الكفر على تارك الصلاة؛إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر ، لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده:ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض : أداه ذلك إلى الجحد ، فأطلق صلى الله عليه وسلم النهاية التي هي آخر شعب الكفر على البداية التي هي أول شعبها ، وهي ترك الصلاة " .
ثم قال رحمه الله مبوباً : " ذكر خبر يدل على صحة ما ذكرنا : أن العرب تطلق اسم المتوقع من الشيء في النهاية على البداية " ، وبعد إيراده قول النبي صلى الله عليه وسلم : " المِراءُ في القرآن كفر " [9] ، قال :
" إذا مارى المرء في القرآن ؛ أداه ذلك – إن لم يعصمه الله – إلى أن يرتاب في الآي المتشابه منه ، فأطلق صلى الله عليه وسلم اسم الكفر – الذي هو الجحد – على بداية سببه الذي هو المِراءُ " .
فترك الصلاة شأن كبير ، وأمر خطير ، يودي - عياذاً بالله –إلى الردة عن الدين ، واللحوق بالكفار والمشركين .
وإذ اختلف العلماء والأئمة ، في هذه المسألة المهمة: كان الواجب على طلاب العلم التأني والتوقي ، لا أن يعالجوا كل تارك للصلاة بالوصم بالتكفير والردة ، بكل غلاظة وشدة ؛ إذ " [10] الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ، ودخوله في الكفر ؛ لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار ، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة ، المروية من طريق جماعة من الصحابة [11] أن : " من قال لأخيه : يا كافر ؛ فقد باء بها أحدهما " ... وفي لفظ في " الصحيح " : " ... فقد كفر أحدهما " .
ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر ، وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير .
وقد قال الله عز وجل : ] ولكن من شرح بالكفر صدراً [[12] ؛ فلا بد من شرح الصدر بالكفر ، وطمأنينة القلب به ، وسكون النفس إليه "[13] .
نعم ؛ قد تدفع الغيرة والعاطفة بعض أهل العلم ، أو طلابه إلى الحكم بتكفير كل تارك للصلاة ، دون اعتبار لجحود أو كسل ! حرصاً – في ظنهم – على الترهيب الشديد من هذا العمل الجلل ، ورغبة – كما توهموا – في درء أي تساهل في الصلاة وحكمها ( قد ) يؤدي إلى التسيب في هذا الركن الإسلامي العظيم !
وقد يستدل ( بعض ) من هؤلاء العلماء أو الطلاب على ذلك بشيء من الأدلة القرآنية أو النبوية التي سبقت أو غيرها ، لكن دون جمع بين الدلائل الواردة في هذه المسألة سلباً أو إيجاباً – حيناً – أو بتقصير في هذه الجمع – أحياناً - ! !
ولست في هذه المقدمة – فضلا عما سيأتي في رسالة شيخنا – بمستوعب القول في دلائل المختلفين في هذه المسألة العظيمة ، وتحقيق مدارك الخلاف والنظر فيها ، فإن لهذا موضعاً آخر [14] ، ولكني أكتفي هنا بذكر تنبيهات علمية مهمة قد تغيب عن عدد من طلاب العلم ، فأقول :
أولاً : قال الإمام المبجل أحمد بن حنبل في وصيته لتلميذه الإمام الحافظ مسدد بن مسرهد [15] :
" ... ولا يُخرِجُ الرجل من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم ، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحداً بها ، فإن تركها كسلاً أو تهاوناً : كان في مشيئة الله ؛ إن شاء عذبه ، وإن شاء عفا عنه ... " [16] .
قلت :
وهذا هو صريح ما جاءنا في الكتاب والسنة بعموم الحكم ، وخصوص مسألة ترك الصلاة :
قال الله تعالى :
] إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ .
وقال صلى الله عليه وسلم :
" خمس صلوات كتبهن الله على العباد ، فمن جاء بهن ، ولم يضيع منهم شيئاً استخفافاً بحقهن ، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن، فليس له عند الله عهد ، إن شاء عذبه ، وإن شاء أدخله الجنة " [17] .
ثانياً : قال الإمام محمد بن عبد الوهاب،رحمه الله تعالى – كما في "الدرر السنية" (1/70) - ، جواباً على من سأله عما يُكفَّرُ الرجل به ؟ وعما يُقاتل عليه ؟ فقال رحمه الله :
" أركان الإسلام الخمسة أولها الشهادتان ، ثم الأركان الأربعة ؛ إذا أقر بها وتركها تهاوناً ، فنحن وإن قاتلناه على فعلها ، فلا نكفره بتركها ، والعلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود ، ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم ؛ وهو الشهادتان " .
ثالثاً : يستدل بعض أهل العلم في تكفيرهم تارك الصلاة بآية من القرآن العظيم يجعلونها عماد أدلتهم في التكفير ؛ وهي قوله
جل شأنه :
] فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين [ [18] .
قالوا : وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى اشترط لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين إقام الصلاة ، فمن لم يقم بها ، فلا يعد أخاً لنا في الدين !
فالجواب على هذا الاستدلال من وجهين :
الأول : قال الإمام ابن عطية في " المحرر الوجيز " ( 8 / 139 – طبع المغرب ) :
" تابوا : رجعوا عن حالهم ، والتوبة منهم تتضمن الإيمان " .
فإقامة الصلاة مشروطة ومسبوقة بالتوبة التي هي متضمنة للإيمان ، إذ ذكر الله التوبة قبل ذكر الصلاة أو الزكاة ، فدل ذلك على أنها هي قاعدة الأصل في الحكم بأخوة الدين .
لذا قال الطبري في " جامع البيان " ( 18 / 86 ) :
" يقول جل ثناؤه : فإن رجع هؤلاء المشركون – الذين أمرتكم أيها المؤمنون بقتلهم – عن كفرهم وشركهم بالله إلى الإيمان به وبرسوله ، وأنابوا إلى طاعته ، وأقاموا الصلاة المكتوبة ، فأدوها بحدودها، وآتوا الزكاة المفروضة أهلها: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله به ، وهو الإسلام " .
ويدل على ما سبق :
الوجه الثاني :
أنه قرن بالصلاة الزكاة ، فهل من تاب وأقام الصلاة لكنه لم يزك : لا يكون أخاً في الدين ، عليه ما على المسلمين ، وله ما للمسلمين ؟!
إن قيل : لا ، بل هو أخ في الدين !
قلنا : ما هو دليل التفريق في الآية بين الصلاة والزكاة ، وهما مذكورتان بالترتيب والتساوي عقيب التوبة ؟
وإن قيل : ليس أخاً في الدين !!
قلنا : هذا باطل من القول بيقين ، ليس عليه أي دليل !
رابعاً : عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يدرس الإسلام كما يدرس وشيء الثوب ، حتى لا يدرى ما صيام ، ولا صلاة ، ولا نسك ، ولا صدقة .
وليسري على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ، وتبقى طوائف من الناس : الشيخ الكبير، والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة :" لا إله إلا الله " فنحن نقولها " .
رواه ابن ماجة ( 4049 ) والحاكم ( 4 / 473 ) من طريق أبي معاوية ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً .
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه – أيضاً – البوصيري في " مصباح الزجاجة " ، وقواه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 13 / 16 ) .
وقد أعل [19] ( بعضهم ) الحديث وضعفه ؛ لكلام في أبي معاوية ! وهو غير ضاره .
ومع ذلك فقد خفيت ( عليهم ) متابعة جليلة :
فقد روى الحديث عن أبي مالك : أبو عوانة بإسناده ومتنه ، كما قال البوصيري في " المصباح "
( 3 / 254 ) .
وأبو عوانة : ثقة ثبت رضي .
وقال شيخنا الألباني في كتابه المعطار " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 1 / 130 – 132 ) تعليقاً على هذا الحديث الصحيح :
" هذا وفي الحديث فائدة فقهية هامة ؛ وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى كالصلاة وغيرها .
ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في حكم تارك الصلاة خاصة ، مع إيمانه بمشروعيتها ، فالجمهور على أن لا يكفر بذلك ، بل يفسق ، وذهب أحمد ] فيما يذكر عنه [[20] إلى أنه يكفر بتركها ، وأنه يقتل ردة ، لا حداً .
وقد صح عن الصحابة أنهم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. رواه الترمذي والحاكم [21].
وأنا أرى أن الصواب رأي الجمهور ، وأن ما ورد عن الصحابة ليس نصاً على أنهم كانوا يريدون بـ ( الكفر ) هنا الكفر الذي يخلد صاحبه في النار ولا يحتمل أن يغفره الله له ، كيف ذلك وحذيفة بن اليمان – وهو من كبار أولئك الصحابة – يرد على صلة ابن زفر وهو يكاد يفهم الأمر على نحو فهم أحمد له ، فيقول : " ما تُغني عنهم لا إله إلا الله ، وهم لا يدرون ما صلاة ... " فيجيبه حذيفة بعد إعراضه عنه : " يا صلة تنجيهم من النار " ثلاثاً .
فهذا نص من حذيفة رضي الله عنه على أن تارك الصلاة ، - ومنها بقية الأركان [22] - ليس بكافر ، بل هو مسلم ناج من الخلود في النار يوم القيامة .
فاحفظ هذا فإنك قد لا تجده في غير هذا المكان .
ثم وقفت على " الفتاوى الحديثية " ( 84 / 2 ) للحافظ السخاوي ، فرأيته يقول بعد أن ساق بعض الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة وهي مشهورة معروفة :
" ولكن كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق تاركها جاحداً لوجوبها مع كونه ممن نشأ بين المسلمين ، لأنه يكون حينئذ كافراً مرتداً بإجماع المسلمين ، فإن رجع إلى الإسلام قبل منه ، وإلا قتل .
وأما من تركها بلا عذر ، بل تكاسلاً ، مع اعتقاده بوجوبها ، فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور أنه لا يكفر ، وأنه – على الصحيح أيضاً – بعد إخراج الصلاة الواحدة عن وقتها الضروري – كأن يترك الظهر مثلاً حتى تغرب الشمس ، أو المغرب حتى يطلع الفجر – يستتاب كما يستتاب المرتد ، ثم يقتل إن لم يتب ، ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ، مع إجراء سائر أحكام المسلمين عليه .
ويؤول إطلاق الكفر عليه لكونه شارك الكافر في بعض أحكامه ، وهو وجوب العمل ، جمعاً بين هذه النصوص وبين ما صح أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خمس صلوات كتبهن الله – فذكر الحديث ، وفيه : " إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له " [23]
، وقال أيضاً : " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة " [24] ، إلى غير ذلك .
ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه ، ولو كان كافراً لم يغفر له ، ولم يرث ولم يورث " اهـ .
خامساً : يجيب بعض أهل العلم على عدد من الأحاديث الواردة في هذه المسألة مما يفيد شمول عفو الله سبحانه ومغفرته ورحمته لبعض من تاركي الصلاة التي هي دون الشرك – كما قال جل شأنه : ] إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ - كمثل حديث البطاقة [25] ، وحديث الشفاعة الآتي وغيرها من الأحاديث ، بأن يقول ( هؤلاء ) : " هذه أحاديث ( عامة ) وأحاديث تكفير تارك الصلاة ( خاصة ) " !
أقول : ولو عكس ( هؤلاء ) – وفقهم الله – قولهم لكانوا أقرب إلى الصواب ! كما هو معروف من قاعدة الوعد والوعيد [26] عند أهل السنة فيما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع عدة من كتبه كـ " مجموع الفتاوى " ( 4 / 484 ) ، ( 8 / 270 ) ، ( 11 / 648 ) ، ( 23 / 305 ) وغيره .
وخلاصة القول في هذه القاعدة :
أن نصوص الوعيد داخلة تحت مشيئة الله سبحانه ، إما عفواً ، وإما تنفيذاً .
وأما نصوص الوعد فإن الله منفذها ، كما كتب – سبحانه - على نفسه [27] .
وفي ذلك يقول من يقول من أهل العلم مستدلاً على أصل هذه القاعدة :
وإني وإن أوعدته أو وعدته
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي [28]
وأنظر " شرح العقيدة الطحاوية " ( ص 318 ) .
سادساً : من أعجب العجب – بعد ما سبق – أن يقول ( البعض ) واصفاً القول بعدم تكفير تارك الصلاة ، مع إثبات فسقه وفجوره : بأنه إرجاء ؟!
فما هو الإرجاء عند هؤلاء ؟!
وما هي حدوده [29] ؟! وما هي ضوابطه ؟!
.. وبعد هذا السابق كله ؛ فإننا نؤكد ونبين بكل صراحة ووضوح أن تارك الصلاة مجرم فاجر ، وآثم فاسق ، يخشى عليه – عياذ بالله – من الردة والكفر ، والخروج من الإسلام والشرك ، إن لم يسارع بالتوبة والإنابة ، والاستغفار والهداية ، أو إن لم يتغمده الله – سبحانه – بعفوه وعنايته .
وأخيرا :
" فإن هذه المسألة من مسائل العلم الكبرى ، وقد تنازع فيها أهل العلم سلفاً وخلفاً " [30] ، فالبحث فيها يجب أن يكون بروح طيبة وعقل منير، ونظر سديد ، بعيد عن التعصب ، مع اطراح التقليد ، إذ هذا كله يوصل إلى معرفة الحق ، والوقوف عليه ، والدعوة إليه .
وهذه الرسالة [31] لشيخنا العلامة المحدث المحقق محمد ناصر الدين الألباني – حفظه الله سبحانه – مثال حسن على ما قدمته ، نقدمها للإخوة القراء ، رغبة في نشر العلم ، وطمعاً في تحصيل الثواب ، واستجابة لأمر الله سبحانه بالرد – عند الاختلاف – إليه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم :
] ... فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً [ .
فلا يمنعن أحداً من قارئي هذه الرسالة إلفُهُ أو عادته ، أو ما نشأ عليه أو تلقنه : من أن يقبل الحق وينصاع إليه ، ويجاهد دونه ، إذ الحق أغلى ما يطلب ، وأعز ما يرغب .
فالله العظيم نسأل التوفيق والسداد ، والرشد والرشاد ، وهداية من صل من العباد ، وقصم من تلبس بالكفر والعناد .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .