قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج 4 ص22:} ولما كانت مملكة محمود بن سبكتكين من أحسن ممالك بني جنسه كان الإسلام والسنة في مملكته أعز فإنه غزا المشركين من أهل الهند ونشر من العدل ما لم ينشره مثله فكانت السنة في أيامه ظاهرة والبدع في أيامه مقموعة وكذلك السلطان نور الدين محمود الذي كان بالشام عز أهل الإسلام والسنة في زمنه وذل الكفار وأهل البدع ممن كان بالشام ومصر وغيرهما من الرافضة والجهمية ونحوهم وكذلك ما كان في زمنه من خلافة بني العباس ووزارة ابن هبيرة لهم فإنه كان من أمثل وزارء الإسلام ولهذا كان له من العناية بالإسلام والحديث ما ليس لغيره.{
وقال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 13 ص 178: } فلما ظهر النفاق والبدع والفجور المخالف لدين الرسول سلطت عليهم الأعداء فخرجت الروم النصارى إلى الشام والجزيرة مرة بعد مرة وأخذوا الثغور الشامية شيئا بعد شيء إلى أن أخذوا بيت المقدس في أواخر المائة الرابعة وبعد هذا بمدة حاصروا دمشق وكان أهل الشام بأسوأ حال بين الكفار النصارى والمنافقين الملاحدة إلى أن تولى نور الدين الشهيد وقام بما قام به من أمر الإسلام وإظهاره والجهاد لأعدائه ثم استنجد به ملوك مصر بنوا عبيد على النصارى فانجدهم وجرت فصول كثيرة الى أن أخذت مصر من بنى عبيد أخذها صلاح الدين يوسف بن شادى وخطب بها لبنى العباس فمن حينئذ ظهر الإسلام بمصر بعد أن مكثت بأيدى المنافقين المرتدين عن دين الإسلام مائة سنة فكان الإيمان بالرسول والجهاد عن دينه سببا لخير الدنيا والآخرة وبالعكس البدع والإلحاد ومخالفة ما جاء به سبب لشر الدنيا والآخرة.{
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 17ص 500، 501:} وذلك كالمشهد الذي بني بالقاهرة على رأس الحسين وهو كذب باتفاق أهل العلم ورأس الحسين لم يحمل إلى هناك أصلا وأصله من عسقلان وقد قيل أنه كان رأس راهب ورأس الحسين لم يكن بعسقلان وإنما أحدث هذا في أواخر دولة الملاحدة بني عبيد وكذلك مشهد علي رضي الله عنه إنما أحدث في دولة بني بويه وقال محمد بن عبد الله مطين الحافظ وغيره إنما هو قبر المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه وعلي رضي الله عنه إنما دفن بقصر الإمارة بالكوفة ودفن معاوية بقصر الإمارة بدمشق ودفن عمرو بن العاص بقصر الإمارة بمصر خوفا عليهم إذا دفنوا في المقابر البارزة أن ينبشهم الخوارج المارقون فإن الخوارج كانوا تعاهدوا على قتل الثلاثة فقتل ابن ملجم عليا وجرح صاحبه معاوية وعمرو كان استخلف رجلا اسمه خارجة فقتله الخارجي وقال أردت عمرا وأراد الله خارجة فسارت مثلا فالمقصود أن هذا المشهد إنما أحدث في دولة الملاحدة دولة بني عبيد وكان فيهم من الجهل والضلال ومعاضدة الملاحدة وأهل البدع من المعتزلة والرافضة أمور كثير ولهذا كان في زمنهم قد تضعضع الإسلام تضعضعا كثيرا ودخلت النصارى إلى الشام فإن بني عبيد ملاحدة منافقون ليس لهم غرض في الإيمان بالله ورسوله ولا في الجهاد في سبيل الله بل الكفر والشرك ومعاداة الإسلام بحسب الإمكان وأتباعهم كلهم أهل بدع وضلال فاستولت النصارى في دولتهم على أكثر الشام ثم قيض الله من ملوك السنة مثل نور الدين وصلاح الدين وأخوته وأتباعهم ففتحوا بلاد الإسلام وجاهدوا الكفار والمنافقين{ .
*** وقال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 27 ص54، 55:} إذا عرف ذلك فهذه السواحل الشامية كانت ثغورا للإسلام إلى أثناء المائة الرابعة وكان المسلمون قد فتحوا قبرص في خلافة عثمان رضي الله عنه فتحها معاوية فلما كان في أثناء المائة الرابعة اضطرب أمر الخلافة وصار للرافضة والمنافقين وغيرهم دولة وملك بالبلاد المصرية والمغرب وبالبلاد الشرقية وبأرض الشام وغلب هؤلاء على ما غلبوا عليه من الشام سواحله وغير سواحله وهم أمة مخذولة ليس لهم عقل ولا نقل ولا دين صحيح ولا دنيا منصورة فغلبت النصارى على عامة سواحل الشام بل وأكثر بلاد الشام وقهروا الروافض والمنافقين وغيرهم وأخذوا منهم ما أخذوا إلى أن يسر الله تعالى بولاية ملوك السنة مثل "نور الدين " وصلاح الدين " وغيرهما فاستنقذوا عامة الشام من النصارى{.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى ج28 ص637 ، 638:} وقد عرف العارفون بالإسلام أن الرافضة تميل مع أعداء الدين ولما كانوا ملوك القاهرة كان وزيرهم مرة يهوديا ومرة نصرانيا أرمينيا وقويت النصارى بسبب ذلك النصراني الارميني وبنوا كنائس كثيرة بأرض مصر في دولة أولئك الرافضة المنافقين وكانوا ينادون بين القصرين من لعن وسب فله دينار وإردب وفى أيامهم أخذت النصارى ساحل الشام من المسلمين حتى فتحه نور الدين وصلاح الدين وفى أيامهم جاءت الفرنج إلى بلبيس وغلبوا من الفرنج فإنهم منافقون وأعانهم النصارى والله لا ينصر المنافقين الذين هم يوالون النصارى فبعثوا إلى نور الدين يطلبون النجدة فأمدهم بأسد الدين وابن أخيه صلاح الدين فلما جاءت الغزاة المجاهدون إلى ديار مصر قامت الرافضة مع النصارى فطلبوا قتال الغزاة المجاهدين المسلمين وجرت فصول يعرفها الناس حتى قتل صلاح الدين مقدمهم شاور ومن حينئذ ظهرت بهذه البلاد كلمة الإسلام والسنة والجماعة وصار يقرأ فيها أحاديث رسول الله عليه وسلم كالبخاري ومسلم و نحو ذلك ويذكر فيها مذاهب الأئمة ويترضى فيها عن الخلفاء الراشدين وإلا كانوا قبل ذلك من شر الخلق فيهم قوم يعبدون الكواكب ويرصدونها وفيهم قوم زنادقة دهربة لا يؤمنون بالآخرة و لا جنة و لا نار ولا يعتقدون وجوب الصلاة و الزكا ة والصيام والحج و خير من كان فيهم الرافضة والرافضة شر الطوائف المنتسبين إلى القبلة{
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 28 ص 643: }وليعتبر المعتبر بسيرة نور الدين وصلاح الدين ثم العادل كيف مكنهم الله وأيدهم وفتح لهم البلاد وأذل لهم الأعداء لما قاموا من ذلك بما قاموا به وليعتبر بسيرة من والى النصارى كيف أذله الله تعالى وكبته{.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 35 ص 137، 138 } :
وفى دولة المستنصر كانت فتنة البساسرى في المائة الخامسة سنة خمسين وأربعمائة لما جاهد البساسرى خارجا عن طاعة الخليفة القائم بأمر الله العباسي واتفق مع المستنصر العبيدي وذهب يحشر إلى العراق و أظهروا في بلاد الشام والعراق شعار الرافضة كما كانوا قد أظهروها بأرض مصر وقتلوا طوائف من علماء المسلمين وشيوخهم كما كان سلفهم قتلوا قبل ذلك بالمغرب طوائف وأذنوا على المنابر " حي على خير العمل " حتى جاء الترك " السلاجقة " الذين كانوا ملوك المسلمين فهزموهم وطردوهم إلى مصر وكان من أواخرهم " الشهيد نور الدين محمود "الذي فتح أكثر الشام واستنقذه من أيدي النصارى ثم بعث عسكره إلى مصر لما استنجدوه على الإفرنج وتكرر دخول العسكر إليها مع صلاح الدين الذى فتح مصر فأزال عنها دعوة العبيديين من القرامطة الباطنية وأظهر فيها شرائع الإسلام حتى سكنها من حينئذ من أظهر بها دين الإسلام وكان في أثناء دولتهم يخاف الساكن بمصر أن يروى حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقتل كما حكى ذلك إبراهيم بن سعد الحبال صاحب عبدا لغني بن سعيد وامتنع من رواية الحديث خوفا أن يقتلوه وكانوا ينادون بين القصرين من لعن وسب فله دينار و إردب وكان بالجامع الأزهر عدة مقاصير يلعن فيها الصحابة بل يتكلم فيها بالكفر الصريح وكان لهم مدرسة بقرب" المشهد " الذي بنوه ونسبوه إلى الحسين وليس فيه الحسين ولا شيء منه باتفاق العلماء وكانوا لا يدرسون في مدرستهم علوم المسلمين بل المنطق والطبيعة والالهى ونحو ذلك من مقالات الفلاسفة وبنوا أرصادا على الجبال وغير الجبال يرصدون فيها الكواكب يعبدونها ويسبحونها ويستنزلون روحانياتها التي هي شياطين تتنزل على المشركين الكفار كشياطين الأصنام ونحو ذلك " والمعز بن تميم بن معد " أول من دخل القاهرة منهم في ذلك فصنف كلاما معروفا عند أتباعه وليس هذا " المعز بن باديس " فان ذاك كان مسلما من أهل السنة وكان رجلا من ملوك المغرب وهذا بعد ذاك بمدة ولأجل ما كانوا عليه من الزندقة والبدعة بقيت البلاد المصرية مدة دولتهم نحو مائتي سنة قد انطفأ نور الإسلام والإيمان حتى قالت فيها العلماء إنها كانت دار ردة ونفاق كدار مسيلمة الكذاب"